الاثنين، 31 يوليو 2023
مشهد
فى مكان آخر - قصة قصيرة
- قصة قصيرة - فى مكانٍ آخر
جلس أسفل الكوبري و الذي ينقل الناس من الخرطوم و اليه، لفترة ظل صامتا يعد المركبات بصوتها، الى ان بدأ يميز الداخل منها و الخارج، توقف عن الإنتباه لحساب سماع الاصوات عند بدايات وصول صوت موسيقى صادرة من يخت فارهٍ و كأنه سَحاب يفضح للنيل عورة من المنتصف، وكان كلما إقترب تصله مسيقيً و كأنها ترجوه النهوض و الرقص، او حتي رمي يدٍ لسلام، تبين قارئً أسمها المنقوش و البشر ميسوري الحال فوق سطحها و لم يقف ابدا. تذكر حبيبته الاولى أيام الدراسة وهو يقف فى إنتظارها الساعات الطوال، قادمة إليه بخطوات لا تبالى الا بصنعة الهوينى، فيصل عطرها، ثم وجهها الجميل، و هي كاملة تقول و تسأل : كيفك إنت !
ظل يراقب اليخت الى ان وصل أمامه مباشرة و سؤال : (( من هم ! )) يعجزه من القيام، الموسيقى اعلى من صوت محركات الدفع و صداها يضرب جهة ما فوق الكبري لتاتيه و لتعود مرة اخري مكررة بصوتٍ أشف صادرة من الضفة الاخري، على سطح المقدمة مجموعة تتراقص و آخرون يقفون ممسكين على الأطراف و كأنهم متأملون و أخري تجلس على المؤخرة فى سمر و مرح.
تمنى لحظة أن يقف و يُظهر حاله من بين الحشائش ملوحاً يسأل : (( كيفكم انتوا ! ))، و لكن الامر هنا يتطلب شجاعة و جرأة و سرعة، فقد غادر اليخت نطاق أن يسمعوه وحتى لو صرخ.
إختفت المقدمة براقصيها من الصورة وهم يتجهون غرباً، و عند ضرب الموجة الضخمة الصادرة منهم على الشط بقربه، إختفت الموسيقى تماما و لم يتبقى غيرهم السُمار أشباحاً على مؤخرة لا يصدر منها غير أزيز قبيح و كأنهم سَحاب يشق النيل لنصفين و بقايا من خجل و زبد.
أرجع رقبته بكامل وجهه إلى الشرق و كأنه ينتظر آخراً .....
لم يصدق ان على بعد خطوات منه مركب صيد خشبي عليه إثنان، أحدهما يجدف و الآخر يرمى بالشبكة، وقف يسألهما : (( كيفكم إنتوا ! إنشاء الله الخير باسط !))
- و الله تمام يا أبن العم، الخير باسط و النيل ما بخيل ..
قاطعه المجدف :
- النيل ما بخيل ! و الله لو ما الاولاد الـ ........... كنا شلنا سمكنا و بعناه و مشينا بيوتنا ...
سأل: اولاد منو !
أجاب المجدف : اولاد السجم و الرماد العدو من هنا .. طفشوا السمك ..
قاطعه رامي الشبكة :
- قول خير با عبدالرحمن ، قول خير ...
- خير ....
رجع خطوات بدون ان يسترسل معهما فى الحديث الى مكانه و جلس ظاناً بانه ربما نادم فى السؤال، بهدؤ ظل المجدف على مؤخرة القارب يمسك بالخشبتين و يضرب على الماء و كانه يمسح سطحها و يدعو الاسماك أن تهدأ و تدخل الشبكة. أما الرامي و من بعد رميه للشبكة الاولى و تحديدها بكرات صفراء عائمة، إنشغل بهمة يفكفك و يعدل كومة شبكة أخري لتُرمى فى مكانٍ آخر.
رضوان عبدالعال همت
الأربعاء، 26 يوليو 2023
عباس فرح - شهيد الترس
عباس فرح - شهيد الترس
عباس،، يا روحاً فيني..
يا جُرحاً ما بين شكوكي و يقيني..
_اتعلم اني في عشق اللون سكون!!
_في قَدَرِ الأحمر و الأصفر مجنون!!
يااااااااااا وهيب الله..
الرسل إلينا..
و انت الراحل مُستن الرمح إليهم
ابقينا فينا..
"من لثمة عمه.. من رضعتها امه"
في خطو المشي اليه، الكون الشاسع في شهوته..
لا ترحل اكثر من هذا..
فالتبقي يا عباس قليلاً..
فسلام شوارعنا أُنتزعت منها رايتك..
أشعلها قتلتك الأوباش نهاراً..
فتعال الينا..
في بيت المحبوبة زاوية تسأل عنك..
قذفت بحماقة هذا المدعو " دوشكا "
نزح الشارع لجهات أخرى..
الصمت يخيم و رائحة الموت في كل مكان
أفيدك بأن شوارعنا اشعلها القتلة يا عباس..
إيذان الطلقة في صدرك..
يتفشي داناتٍ و مآذن تكبير..
سكنت زوايا بيت المحبوبة و الكنداكات..
في حبك يشربن الشاي مع الحبوبات..
المحبوبات آفات بتلات الشوق..
يغزلن ضفائرهن علي الآهات..
نجواهن ملاك في موكب جنتك..
و عروسك قمر في حِناء كفوفك..
علي أكوام القُبل تفيض..
مكبلة صوب لقاء الحدوة فيك..
و تهتف :"عباس في اللون الأصفر و الصخرة باقٍ"
منقوش الصخرة قانٍ من كل الكون..
قافية في آن حروفي تسأل عنك..
اسكنت هناك!!
ام مازلت ترفرف مصحوبا بملاك المجد..
لا أرجوك لقاءً صوب مشيئتك و أنت الابقي..
فالتبقي..